النقد الادبى
صفحة 1 من اصل 1
النقد الادبى
النقد الأدبى
د. محمد عبد المطلب
1- تمهيد:-
- إن النقد الأدبى فى صورته الأولية يقوم أساسا على قراءة النص الأدبى وتحديد خواصه والكشف عما فيه من جوانب الحسن أو القبح شرط أن يتجنب الطبيعة الشخصية والذوق الخاص للناقد أى يأخذ الناقد موقفا محايدا بينه وبين العمل الذى ينقده .
- لكن من الملاحظ ندرة هذا الموقف المحايد إذ الغالب أن ينحاز الناقد لذوقه الخاص فيعرض ممارسته النقدية لمخاطر كثيرة قد تؤدى إلى إصدار أحكام غير دقيقة بل ربما تكون مضللة .
- يعد التنقيح ( مراجعة الأديب إنتاجه فيصلح أو يبدل أو يعدل ) أقدم أنواع النقد , وقد كانت له مدرسة مميزة فى تاريخ الشعر العربى مدرسة ( الحوليات ) التى تزعمها زهير بن أبى سلمى .
- لقد كانت البدايات المبكرة للنقد رابطة له بالحكم على الأدب والأديب ثم لحق بهذه البدايات عملية الشرح والتفسير ثم إرتفعت لتصل إلى الوصف والتحليل .
- ساد فى الخطاب النقدى ( إصدار أحكام القيمة ) ويقصد به أن ينتهى الناقد بإصدار أحكام بالجودة أو القبح وحجة أصحاب هذا التوجه هو أن عدم إصدار أحكام القيمة له مخاطره أولها : مساواة النص السىء بالردىء , ثانيها : إتاحة الفرصة لمن لا يمتلكون أدوات الابداع بالاجتراء على الابداع .
فى المقابل نجد اتجاها اخر يتوقف عن اصدار الأحكام لأن فى هذا الاصدار مصادرة على حق المتلقى فى تذوقه الخاص وحرمانه من القبول والرفض أمام سطوة حكم الناقد الخبير .
2- ذاكرة النقد القديم
- يمثل ( أرستوفانيس ) مرحلة التطور للنقد اليونانى , حيث انتقل من مرحلة الدعوة إلى الإصلاح والتهذيب للأعمال الشعرية إلى إثارة كثير من المسائل الفنية التى تدخل فى كيفية بناء الشعر .
- ثم ظهر السفسطائيون وعلموا اليونانيين أصول المواطنة الصالحة ولقنوهم أصول البلاغة ومبادىء النحو وقواعد الصرف .
- كان تأثير ( سقراط ) أعظم من تأثير السفسطائين ولكنه لم يترك أثارا مكتوبة وكل ما وصلنا من أرائه فى النقد ما حكاه تلميذه أفلاطون فى محاوراته .
- أثار أفلاطون مسألتين مهمتين من صميم النقد الأدبى :-
أ- مصدر الشعر لدى الشعراء هل هو الفن ام الإلهام ؟
ب- الفرق بين ما يصدره الشاعر أوالناقد من احكام على الأشياء
- رفض أفلاطون نظرية الفن للفن وربطه بالأخلاق حيث يجب أن يكون دافعا للخير , ولكنه كان يلاحظ أن الشعراء ينساقون وراء رغباتهم لذل يقدمون إنتاجا أدبيا لا قيمة له .
- رتب أفلاطون أجناس الشعر على حسب محتواها الأخلاقى ففضل الشعر الغنائى لأنه يمجد الأبطال ثم الشعر الملحمى ثم شعر المأسى ثم الملهاة .
- إستفاد أرسطو من أستاذه أفلاطون وبخاصة إدراكه للفن والهدف منه وإن خالفه فى بعض أرائه .
من أهم مؤلفاته ( فن الشعر ) .
- من أوائل المؤسسين للنقد الأوروبى ( شيشرون ) الذى وجه إهتماما خاصا للنثر أما ( هوراس ) فوجه إهتمامه للشعر والرسائل .
ذاكرة النقد العربى القديم
1- فى الجاهلية :
- كانت بدايات النقد مع عمليات التلقسح ومدرستها مدرسة الحوليات التى تزعمها زهير إبن أبى سلمى
2- فى صدر الإسلام :
- قدم الرسول ( ص ) تعريفا للشعر بأنه
( كلام من كلام العرب جزل , تتكلم بها نواديها , وتسل به الضغائن بينها ) .
- كان عمر بن الخطاب من أنقد أهل زمانه للشعر وقد صنف زهير بأنه شاعر الشعراء لأنه لا يعاظل بين الكلامين , ولا يتبع وحشى الكلام , ولا يمدح أحدا بغير ما فيه .
- لم يكن هناك أحد من الخلفاء يميل نحو الشعر بعد عمر غير على بن أبى طالب قليلا وقد صنف إمرؤ القيس بن حجر شاعر الشعراء –
3- العصر الأموى :
- إنتقلت الخلافة من الحجاز إلى دمشق وتغيرت الحياة فى معظم جوانبها وتحولت الخلافة إلى كثرة فى المال ورغبة فى متع الدنيا وملذاتها مما أثر تباعا على الشعر .
- أدى هذا إلى أن أصبح للمرأة دور مركزى فى إنتاج الشعر .
- أخذ الأدب طابعا رسميا خلال إتصاله بالسلطة السياسية فى دمشق , وإنحسر النقد داخل مجلس الخليفة والولاة .
- كان نتاج ذلك أن غاب الاهتمام بالمبدع وركز الاهتمام كله بالمتلقى ( أى أن المشكلة ليست جودة شعرك لكنها مشكلة هل سيعجب شعرك السلطان ؟؟؟ )
- ظهرت المجالس النقدية التى كانت لها تأثيرا فعالا على حركة النقد .
4- فى العصر العباسى :
- إنتقلت السلطة السياسية من دمشق إلى بغداد سنة 132هــ فانطفأ التوهج الذى أشعله الأميون فى الشام وظهرت العراق ومعها مجموعة من التيارات الجديدة وأصبحت الكوفة والبصرة منارتين للعلم والثقافة .
- بدأت مشكلة ( الاتباع والابتداع ) تظهر , ومن ثم كان الشعر الجاهلى عندهم أهم من شعر المحدثين .
- فى النهاية ظهرت بوادر التجديد والخروج من جلباب الاتباع الضيق إلى قميص الابتداع الواسع .
5- الذاكرة المملوكية والعثمانية :
- سقطت بغداد ( 656 هـ ) وأغرق معظم تراثها الفكرى والأدبى فى نهر دجلة .
- أصبحت القاهرة موئل علماء وأدباء المغرب العربى , ولكن إنهيار الوضع السياسى فى دولة المماليك قد أدى إلى زوال دولتهم أمام الغزو العثمانى , وكان ذلك إيذانا بمرحلة الاظلام فى جميع المجالات .
- نتج عن ذلك غياب المبدع الحقيقى وغياب المتلقى تماما .
- إتجه الناس إى الأدب الذى يعبر عن الآمهم وأوجاعهم وأحلامهم ( الأدب الشعبى ) مثل
( سيرة الظاهر بيبرس – أبى زيد الهلالى – سيف بن ذى يزن )
- رغم إزدهار الأدب الشعبى لكننا لا نجد له نقدا يتابعه .
ذاكرة النهضة النقدية
- بدأ ( على مبارك ) عام 1893م مشاركته فى النهضة النقدية بالدعوة إلى تحرير الأسلوب من قيود الصنعة والركاكة والضعف , وهو ما سبق وأن دعى إليه ( أديب إسحق ) عام 1855م .
- نتج عن تلك الدعوات ظهور ( محمود سامى البارودى ) عام 1904م , الذى لم يكن شاعرا فحسب بل ناقدا أيضا .
ذاكرة التجديد
- بين التواصل والانقطاع إنقسم المجددون إلى فئتين ( محافظين ومجددين )
- المحافظون مثلهم ( المنفلوطى – الرافعى – أحمد حسن الزيات – شكيب أرسلان )
- أما المجددون فكان يمثلهم ( أمين الريحانى – المازنى – محمد حسين هيكل – العقاد – طه حسين – محمد تيمور – توفيق الحكيم – ميخائيل نعيمة ) .
- المحافظون طائفة لم تتحرك إلا للوراء فعاشوا فى غير زمانهم فأضحوا غرباء على حاضرهم , أما المجددون فقد عاشوا غير واقعهم وخارج ثقافتهم فكانت مغتربة عن مجتمعها .
ذاكرة الوافد الجديد ( المذاهب الأدبية والنقدية
الكلاسيكية
- خلال سيطرة الفلسفة العقلية على أوروبا ظهرت ( الكلاسيكية ) وسادت قرنين من الزمان
- وضعت الشعر الموضوعى فى المرتبة الأولى ثم الشعر الغنائى .
- يمكن القول أن الكلاسيكية هى أرستقراطية الأدب والنقد الموازية لأرستقراطية المجتمع .
الرومانتيكية
- فى أواخر القرن الثامن عشر أخذت الكلاسيكية فى الانحسار لتفسح مجالا للرومانتيكية نتيجة نمو الطبقة البرجوازية أو مايسمى بالطبقة الوسطى .
- مثلت الرومانتيكية نوعا من الثورة على الكلاسيكية لتحرير الأدب والنقد من سيطرة الأغريق والرومان القدماء .
- نتج عن ذلك أن تقدم الشعر الغنائى على الشعر الموضوعى .
- الأصول التى سارت عليها الرومانتيكية :-
1- مرض العصر ( عدم تلاؤم الفرد مع الواقع مما يسبب له نوعا من الشقاء الذى يبثه فى شعره )
2- اللون المحلى ( الرومانتيكية تهتم بالانسان فى ذاته أكثر من إهتمامها به فى إنسانيته )
3- الخلق الشعرى ( تمرد الرومانتيكيين على المحاكاة الأرسطية ورأوا الأدب أداءة للخلق بواسطة الخيال )
- تعدل الاجراء النقدى من مراقبة الإبداع ورصد مدى إلتزامه بالقواعد الموروثة
( كما كان عند الكلاسيكيين) إلى الشرح والتفسير ورصد مطابقة المنتج الابداعى للتجربة الفردية الحية عند الرومانتيكيين .
الرمزية
- فى منتصف القرن التاسع عشر ظهرت ( الرمزية ) التى تعتمد على فكرة الادراك الداخلى للواقع الخارجى وكان السؤال : هل هما متطابقان أم متغيران ؟
- نتج عن هذا التساؤل تساؤل اخر : هل اللغة مساوية للواقع الخارجى أم أنها مجرد صور للواقع ؟
- كل هذه التساؤلات منحت للنقد مساحة واسعة كى يمارس مهامه الجديدة فى تحديد مجموعة الرموز والأقنعة ومرجعيتها الباطنية والخارجية على حد السواء .
- المرجعية الخارجية تتسم بالوضوح بينما المرجعية الباطنية تتسم بالابهام وكان مجال ذلك كله
( الشعر الغنائى ).
- كانت الصفوة هى الفئة التى إستطاعت أن تتجاوب مع الرمزية .
ظاهرة التجديد فى الواقع العربى ( الإحيائية )
الكلاسيكية
- عندما ظهرت الكلاسيكية فى العالم العربى خشى روادها من إطلاق هذه التسمية عليها حتى لا يتهموا بإتباعهم للغرب , وللهروب من ذلك الموقف أطلقوا عدة تسميات بديلة ( الاتباعية – الاحيائية – البعث )
- كانت إستجابة الأدب لهذا التوجه الاحيائى فى النثر أكثر منه فى الشعر لأن النثر أيسر فى الاستجابة والتحول إلى الجديد عن الشعر نظرا لما يحمله الشعر من موروثات وتقاليد صارمة وعتيقة .
- ظهرت ملامح الكلاسيكسة فى ترجمات ( الطهطاوى – عثمان جلال ) ثم جاءت كتابات ..
( على مبارك – جورجى زيدان عام 1914م) .. كل هذا أعطى للنثر أولوية الدخول إلى الكلاسيكسة عن الشعر .
- لم يتأخر الشعر كثيرا فقد حضر البارودى وانتشل الشعر من هوة الصنعة والركاكة والسطحية .
- لم يدخل البارودى الساحة كشاعر فقط ولكن صاحبها بعض الاجتهادات النقدية , تبعه فى نفس الطريق خليفته الأكبر ( أحمد شوقى ) الذى سلك نفس طريق البارودى ولكنه لم يهتدى إلى النقد بالفطرة كالبارودىولكن تأثر بالاقامة فى فرنسا وقراءة الأدب والنقد الفرنسى .
- جاءت الكلاسيكية لأحمد شوقى على رافدين
( محاكاته كبار شعراء العربية القدامى – محاكاته كبار شعراء فرنسا )
- تجاوز شوقى البارودى بتقديمه المسرح الشعرى والروايات النثرية
( عذراء الهند – دل وتيمان – شيطان بنتاؤر- ورقة الآس ) .
- تتابع رواد الاحيائية ( حافظ إبراهيم – إسماعيل صبرى – الزهاوى – معروف الرصافى ).
الوجدانية الرومانتيكية
- بدأت عند خليل مطران ( 1949م ) وإمتدت لتشمل مدرسة الديوان .
- جاءت مدرسة الديوان بأعلامها الثلاثة ( العقاد 1964م - شكرى 1958م – المازنى 1949م )وهى إمتداد لمطران غير أن ركيزة مظران كانت فرنسية بينما ركيزة الديوانيين كانت الانجليزية )
- ظهرت معهم ( فلسفة النفى ) أى نفى الاخر فقد حاولوا هدم إتجاه الإحيائيين وتقديم أحمد شوقى قربانا على مذهبهم التجديدى .
- ظهرت جماعة ( أبوللو ) التى تزعمها ( أحمد زكى أبو شادى ) 1955م إختارت أحمد شوقى رئيسا لها وقنع أبو شادى بالسكرتارية , وبعد وفاة شوقى أصبح مطران هو رئيسها .
- نلاحظ أن فلسفة الديوانيين كانت الاتقطاع بينما فلسفة أبوللو كانت التواصل .
- ظهر (المهجريون) الناتجون من سجرة كثير من أبناء الشام ولبنان إلى أمريكا فى منتصف القرن التاسع عشر هربا من الاضطهاد السياسى والقهر الاجتماعى .
- كونوا مركزين أدبيين أحدهما فى الشمال ( الرابطة القلمية ) والآخر فى الجنوب ( العصبة الأندلسية )
- يرجع فضل التجدد إلى مركز الشمال بريادة ( جبران – ميخائيل نعيمة – إيليا أبو ماضى )
الواقعية
- هو تيار ظهر محاولا التخلص من سلطة الرومانتيكية , والاستقلال بنفسه بعيدا عن عاطفتها .
- أخذ هذا الاستقلال سبيله فى الخطاب النثرى القصصى والمسرحى لأن الرومانتيكية أحكمت سيطرتها على الخطاب الشعرى .
- ظهر من هذا التيار ( محمد تيمور 1821 م ) – ( محمود تيمور 1873 م ) – يحيي حقى ( 1892 م)
- أفرز الواقع الأدبى بعض المساجلات النقدية كتلك المساجلة بين كتاب ( دفاع عن البلاغة ) للزيات 1968م وكتاب ( البلاغة العصرية ) لسلامة موسى 1958م .
- بعد الحرب العالمية الثانية ( 1945م ) أخذت الواقعية تفرض سلطتها على الخطاب الشعرى فظهرت مدرسة الشعر الجديد وكان من أعلامها ( نازك الملائكة – محمود شاكر السياب – صلاح عبد الصبور – أحمد عبد المعطى حجازى – خليل حاوى – فدوى طوقان – الفيتورى ) .
- هز أتباع تلك المدرسة الإطار الموروث , وتمردوا على نظام البحر , واستحضروا البديل فى التفعيلة , وتخلصوا نهائيا من وحدة القافية .
- إماد بهم الأمر فهجروا المعجم الكلاسيكى واستحدثوا معجمهم الذى يتعايش مع الواقع .
- أطلت معهم مدرسة الرفض مرة أخرى كما فعل الديوانيون فتصدى أعلام الرومانسية لهم واتهموا خطابهم الشعرى بالنثرية والابتذال , تبادلوا النقد والاتهامات حتى سادت المدرسة الشعرية الجديدة .
نظرة عامة
1 – لقد كان تراث الإحيائيين مزيجا من النقد العربى القديم , وبعض ملامح الكلاسيكية الوافدة , وبعض خطوط الرومانتيكية .
2- المصطلح المناسب لتلك المرحلة هو ( النقد البيانى ) الذى يمارس إجراءاته على المفردات والتراكيب ثم ينتقل إلى الصورة االبلاغية ثم ينتهى بمظاهر ( الأخذ والسرقة ) .
3- كان هذا الاتجاه واضحا عند ( طه حسين – أمين الخولى – محمد عبد القادر القط – شكرى عياد – مصطفى ناصف )
4- أقام الإتجاه النفسى خطابه النقدى على منجزات علم النفس والتحليل النفسى عند فرويد ويونج .
5- يكاد هذا الخطاب أن يحيل النص إلى لوحة إسقاط لمبدعه .
6- أعلام هذا الاتجاه ( العقاد – أمين الخولى – محمد خلف الله أحمد – مصطفى سويف – عز الدين إسماعيل )
ذاكرة الحداثة وما بعدها
- فى النصف الثانى من القرن العشرين شهد الواقع الأدبى والثقافى تعددا فى المناهج الأدبية
( البنيوية – السيميولوجية – التفكيكية – نظرية التلقى – النقد النسائى - النقد الثقافى .
يحيي هاشم
د. محمد عبد المطلب
1- تمهيد:-
- إن النقد الأدبى فى صورته الأولية يقوم أساسا على قراءة النص الأدبى وتحديد خواصه والكشف عما فيه من جوانب الحسن أو القبح شرط أن يتجنب الطبيعة الشخصية والذوق الخاص للناقد أى يأخذ الناقد موقفا محايدا بينه وبين العمل الذى ينقده .
- لكن من الملاحظ ندرة هذا الموقف المحايد إذ الغالب أن ينحاز الناقد لذوقه الخاص فيعرض ممارسته النقدية لمخاطر كثيرة قد تؤدى إلى إصدار أحكام غير دقيقة بل ربما تكون مضللة .
- يعد التنقيح ( مراجعة الأديب إنتاجه فيصلح أو يبدل أو يعدل ) أقدم أنواع النقد , وقد كانت له مدرسة مميزة فى تاريخ الشعر العربى مدرسة ( الحوليات ) التى تزعمها زهير بن أبى سلمى .
- لقد كانت البدايات المبكرة للنقد رابطة له بالحكم على الأدب والأديب ثم لحق بهذه البدايات عملية الشرح والتفسير ثم إرتفعت لتصل إلى الوصف والتحليل .
- ساد فى الخطاب النقدى ( إصدار أحكام القيمة ) ويقصد به أن ينتهى الناقد بإصدار أحكام بالجودة أو القبح وحجة أصحاب هذا التوجه هو أن عدم إصدار أحكام القيمة له مخاطره أولها : مساواة النص السىء بالردىء , ثانيها : إتاحة الفرصة لمن لا يمتلكون أدوات الابداع بالاجتراء على الابداع .
فى المقابل نجد اتجاها اخر يتوقف عن اصدار الأحكام لأن فى هذا الاصدار مصادرة على حق المتلقى فى تذوقه الخاص وحرمانه من القبول والرفض أمام سطوة حكم الناقد الخبير .
2- ذاكرة النقد القديم
- يمثل ( أرستوفانيس ) مرحلة التطور للنقد اليونانى , حيث انتقل من مرحلة الدعوة إلى الإصلاح والتهذيب للأعمال الشعرية إلى إثارة كثير من المسائل الفنية التى تدخل فى كيفية بناء الشعر .
- ثم ظهر السفسطائيون وعلموا اليونانيين أصول المواطنة الصالحة ولقنوهم أصول البلاغة ومبادىء النحو وقواعد الصرف .
- كان تأثير ( سقراط ) أعظم من تأثير السفسطائين ولكنه لم يترك أثارا مكتوبة وكل ما وصلنا من أرائه فى النقد ما حكاه تلميذه أفلاطون فى محاوراته .
- أثار أفلاطون مسألتين مهمتين من صميم النقد الأدبى :-
أ- مصدر الشعر لدى الشعراء هل هو الفن ام الإلهام ؟
ب- الفرق بين ما يصدره الشاعر أوالناقد من احكام على الأشياء
- رفض أفلاطون نظرية الفن للفن وربطه بالأخلاق حيث يجب أن يكون دافعا للخير , ولكنه كان يلاحظ أن الشعراء ينساقون وراء رغباتهم لذل يقدمون إنتاجا أدبيا لا قيمة له .
- رتب أفلاطون أجناس الشعر على حسب محتواها الأخلاقى ففضل الشعر الغنائى لأنه يمجد الأبطال ثم الشعر الملحمى ثم شعر المأسى ثم الملهاة .
- إستفاد أرسطو من أستاذه أفلاطون وبخاصة إدراكه للفن والهدف منه وإن خالفه فى بعض أرائه .
من أهم مؤلفاته ( فن الشعر ) .
- من أوائل المؤسسين للنقد الأوروبى ( شيشرون ) الذى وجه إهتماما خاصا للنثر أما ( هوراس ) فوجه إهتمامه للشعر والرسائل .
ذاكرة النقد العربى القديم
1- فى الجاهلية :
- كانت بدايات النقد مع عمليات التلقسح ومدرستها مدرسة الحوليات التى تزعمها زهير إبن أبى سلمى
2- فى صدر الإسلام :
- قدم الرسول ( ص ) تعريفا للشعر بأنه
( كلام من كلام العرب جزل , تتكلم بها نواديها , وتسل به الضغائن بينها ) .
- كان عمر بن الخطاب من أنقد أهل زمانه للشعر وقد صنف زهير بأنه شاعر الشعراء لأنه لا يعاظل بين الكلامين , ولا يتبع وحشى الكلام , ولا يمدح أحدا بغير ما فيه .
- لم يكن هناك أحد من الخلفاء يميل نحو الشعر بعد عمر غير على بن أبى طالب قليلا وقد صنف إمرؤ القيس بن حجر شاعر الشعراء –
3- العصر الأموى :
- إنتقلت الخلافة من الحجاز إلى دمشق وتغيرت الحياة فى معظم جوانبها وتحولت الخلافة إلى كثرة فى المال ورغبة فى متع الدنيا وملذاتها مما أثر تباعا على الشعر .
- أدى هذا إلى أن أصبح للمرأة دور مركزى فى إنتاج الشعر .
- أخذ الأدب طابعا رسميا خلال إتصاله بالسلطة السياسية فى دمشق , وإنحسر النقد داخل مجلس الخليفة والولاة .
- كان نتاج ذلك أن غاب الاهتمام بالمبدع وركز الاهتمام كله بالمتلقى ( أى أن المشكلة ليست جودة شعرك لكنها مشكلة هل سيعجب شعرك السلطان ؟؟؟ )
- ظهرت المجالس النقدية التى كانت لها تأثيرا فعالا على حركة النقد .
4- فى العصر العباسى :
- إنتقلت السلطة السياسية من دمشق إلى بغداد سنة 132هــ فانطفأ التوهج الذى أشعله الأميون فى الشام وظهرت العراق ومعها مجموعة من التيارات الجديدة وأصبحت الكوفة والبصرة منارتين للعلم والثقافة .
- بدأت مشكلة ( الاتباع والابتداع ) تظهر , ومن ثم كان الشعر الجاهلى عندهم أهم من شعر المحدثين .
- فى النهاية ظهرت بوادر التجديد والخروج من جلباب الاتباع الضيق إلى قميص الابتداع الواسع .
5- الذاكرة المملوكية والعثمانية :
- سقطت بغداد ( 656 هـ ) وأغرق معظم تراثها الفكرى والأدبى فى نهر دجلة .
- أصبحت القاهرة موئل علماء وأدباء المغرب العربى , ولكن إنهيار الوضع السياسى فى دولة المماليك قد أدى إلى زوال دولتهم أمام الغزو العثمانى , وكان ذلك إيذانا بمرحلة الاظلام فى جميع المجالات .
- نتج عن ذلك غياب المبدع الحقيقى وغياب المتلقى تماما .
- إتجه الناس إى الأدب الذى يعبر عن الآمهم وأوجاعهم وأحلامهم ( الأدب الشعبى ) مثل
( سيرة الظاهر بيبرس – أبى زيد الهلالى – سيف بن ذى يزن )
- رغم إزدهار الأدب الشعبى لكننا لا نجد له نقدا يتابعه .
ذاكرة النهضة النقدية
- بدأ ( على مبارك ) عام 1893م مشاركته فى النهضة النقدية بالدعوة إلى تحرير الأسلوب من قيود الصنعة والركاكة والضعف , وهو ما سبق وأن دعى إليه ( أديب إسحق ) عام 1855م .
- نتج عن تلك الدعوات ظهور ( محمود سامى البارودى ) عام 1904م , الذى لم يكن شاعرا فحسب بل ناقدا أيضا .
ذاكرة التجديد
- بين التواصل والانقطاع إنقسم المجددون إلى فئتين ( محافظين ومجددين )
- المحافظون مثلهم ( المنفلوطى – الرافعى – أحمد حسن الزيات – شكيب أرسلان )
- أما المجددون فكان يمثلهم ( أمين الريحانى – المازنى – محمد حسين هيكل – العقاد – طه حسين – محمد تيمور – توفيق الحكيم – ميخائيل نعيمة ) .
- المحافظون طائفة لم تتحرك إلا للوراء فعاشوا فى غير زمانهم فأضحوا غرباء على حاضرهم , أما المجددون فقد عاشوا غير واقعهم وخارج ثقافتهم فكانت مغتربة عن مجتمعها .
ذاكرة الوافد الجديد ( المذاهب الأدبية والنقدية
الكلاسيكية
- خلال سيطرة الفلسفة العقلية على أوروبا ظهرت ( الكلاسيكية ) وسادت قرنين من الزمان
- وضعت الشعر الموضوعى فى المرتبة الأولى ثم الشعر الغنائى .
- يمكن القول أن الكلاسيكية هى أرستقراطية الأدب والنقد الموازية لأرستقراطية المجتمع .
الرومانتيكية
- فى أواخر القرن الثامن عشر أخذت الكلاسيكية فى الانحسار لتفسح مجالا للرومانتيكية نتيجة نمو الطبقة البرجوازية أو مايسمى بالطبقة الوسطى .
- مثلت الرومانتيكية نوعا من الثورة على الكلاسيكية لتحرير الأدب والنقد من سيطرة الأغريق والرومان القدماء .
- نتج عن ذلك أن تقدم الشعر الغنائى على الشعر الموضوعى .
- الأصول التى سارت عليها الرومانتيكية :-
1- مرض العصر ( عدم تلاؤم الفرد مع الواقع مما يسبب له نوعا من الشقاء الذى يبثه فى شعره )
2- اللون المحلى ( الرومانتيكية تهتم بالانسان فى ذاته أكثر من إهتمامها به فى إنسانيته )
3- الخلق الشعرى ( تمرد الرومانتيكيين على المحاكاة الأرسطية ورأوا الأدب أداءة للخلق بواسطة الخيال )
- تعدل الاجراء النقدى من مراقبة الإبداع ورصد مدى إلتزامه بالقواعد الموروثة
( كما كان عند الكلاسيكيين) إلى الشرح والتفسير ورصد مطابقة المنتج الابداعى للتجربة الفردية الحية عند الرومانتيكيين .
الرمزية
- فى منتصف القرن التاسع عشر ظهرت ( الرمزية ) التى تعتمد على فكرة الادراك الداخلى للواقع الخارجى وكان السؤال : هل هما متطابقان أم متغيران ؟
- نتج عن هذا التساؤل تساؤل اخر : هل اللغة مساوية للواقع الخارجى أم أنها مجرد صور للواقع ؟
- كل هذه التساؤلات منحت للنقد مساحة واسعة كى يمارس مهامه الجديدة فى تحديد مجموعة الرموز والأقنعة ومرجعيتها الباطنية والخارجية على حد السواء .
- المرجعية الخارجية تتسم بالوضوح بينما المرجعية الباطنية تتسم بالابهام وكان مجال ذلك كله
( الشعر الغنائى ).
- كانت الصفوة هى الفئة التى إستطاعت أن تتجاوب مع الرمزية .
ظاهرة التجديد فى الواقع العربى ( الإحيائية )
الكلاسيكية
- عندما ظهرت الكلاسيكية فى العالم العربى خشى روادها من إطلاق هذه التسمية عليها حتى لا يتهموا بإتباعهم للغرب , وللهروب من ذلك الموقف أطلقوا عدة تسميات بديلة ( الاتباعية – الاحيائية – البعث )
- كانت إستجابة الأدب لهذا التوجه الاحيائى فى النثر أكثر منه فى الشعر لأن النثر أيسر فى الاستجابة والتحول إلى الجديد عن الشعر نظرا لما يحمله الشعر من موروثات وتقاليد صارمة وعتيقة .
- ظهرت ملامح الكلاسيكسة فى ترجمات ( الطهطاوى – عثمان جلال ) ثم جاءت كتابات ..
( على مبارك – جورجى زيدان عام 1914م) .. كل هذا أعطى للنثر أولوية الدخول إلى الكلاسيكسة عن الشعر .
- لم يتأخر الشعر كثيرا فقد حضر البارودى وانتشل الشعر من هوة الصنعة والركاكة والسطحية .
- لم يدخل البارودى الساحة كشاعر فقط ولكن صاحبها بعض الاجتهادات النقدية , تبعه فى نفس الطريق خليفته الأكبر ( أحمد شوقى ) الذى سلك نفس طريق البارودى ولكنه لم يهتدى إلى النقد بالفطرة كالبارودىولكن تأثر بالاقامة فى فرنسا وقراءة الأدب والنقد الفرنسى .
- جاءت الكلاسيكية لأحمد شوقى على رافدين
( محاكاته كبار شعراء العربية القدامى – محاكاته كبار شعراء فرنسا )
- تجاوز شوقى البارودى بتقديمه المسرح الشعرى والروايات النثرية
( عذراء الهند – دل وتيمان – شيطان بنتاؤر- ورقة الآس ) .
- تتابع رواد الاحيائية ( حافظ إبراهيم – إسماعيل صبرى – الزهاوى – معروف الرصافى ).
الوجدانية الرومانتيكية
- بدأت عند خليل مطران ( 1949م ) وإمتدت لتشمل مدرسة الديوان .
- جاءت مدرسة الديوان بأعلامها الثلاثة ( العقاد 1964م - شكرى 1958م – المازنى 1949م )وهى إمتداد لمطران غير أن ركيزة مظران كانت فرنسية بينما ركيزة الديوانيين كانت الانجليزية )
- ظهرت معهم ( فلسفة النفى ) أى نفى الاخر فقد حاولوا هدم إتجاه الإحيائيين وتقديم أحمد شوقى قربانا على مذهبهم التجديدى .
- ظهرت جماعة ( أبوللو ) التى تزعمها ( أحمد زكى أبو شادى ) 1955م إختارت أحمد شوقى رئيسا لها وقنع أبو شادى بالسكرتارية , وبعد وفاة شوقى أصبح مطران هو رئيسها .
- نلاحظ أن فلسفة الديوانيين كانت الاتقطاع بينما فلسفة أبوللو كانت التواصل .
- ظهر (المهجريون) الناتجون من سجرة كثير من أبناء الشام ولبنان إلى أمريكا فى منتصف القرن التاسع عشر هربا من الاضطهاد السياسى والقهر الاجتماعى .
- كونوا مركزين أدبيين أحدهما فى الشمال ( الرابطة القلمية ) والآخر فى الجنوب ( العصبة الأندلسية )
- يرجع فضل التجدد إلى مركز الشمال بريادة ( جبران – ميخائيل نعيمة – إيليا أبو ماضى )
الواقعية
- هو تيار ظهر محاولا التخلص من سلطة الرومانتيكية , والاستقلال بنفسه بعيدا عن عاطفتها .
- أخذ هذا الاستقلال سبيله فى الخطاب النثرى القصصى والمسرحى لأن الرومانتيكية أحكمت سيطرتها على الخطاب الشعرى .
- ظهر من هذا التيار ( محمد تيمور 1821 م ) – ( محمود تيمور 1873 م ) – يحيي حقى ( 1892 م)
- أفرز الواقع الأدبى بعض المساجلات النقدية كتلك المساجلة بين كتاب ( دفاع عن البلاغة ) للزيات 1968م وكتاب ( البلاغة العصرية ) لسلامة موسى 1958م .
- بعد الحرب العالمية الثانية ( 1945م ) أخذت الواقعية تفرض سلطتها على الخطاب الشعرى فظهرت مدرسة الشعر الجديد وكان من أعلامها ( نازك الملائكة – محمود شاكر السياب – صلاح عبد الصبور – أحمد عبد المعطى حجازى – خليل حاوى – فدوى طوقان – الفيتورى ) .
- هز أتباع تلك المدرسة الإطار الموروث , وتمردوا على نظام البحر , واستحضروا البديل فى التفعيلة , وتخلصوا نهائيا من وحدة القافية .
- إماد بهم الأمر فهجروا المعجم الكلاسيكى واستحدثوا معجمهم الذى يتعايش مع الواقع .
- أطلت معهم مدرسة الرفض مرة أخرى كما فعل الديوانيون فتصدى أعلام الرومانسية لهم واتهموا خطابهم الشعرى بالنثرية والابتذال , تبادلوا النقد والاتهامات حتى سادت المدرسة الشعرية الجديدة .
نظرة عامة
1 – لقد كان تراث الإحيائيين مزيجا من النقد العربى القديم , وبعض ملامح الكلاسيكية الوافدة , وبعض خطوط الرومانتيكية .
2- المصطلح المناسب لتلك المرحلة هو ( النقد البيانى ) الذى يمارس إجراءاته على المفردات والتراكيب ثم ينتقل إلى الصورة االبلاغية ثم ينتهى بمظاهر ( الأخذ والسرقة ) .
3- كان هذا الاتجاه واضحا عند ( طه حسين – أمين الخولى – محمد عبد القادر القط – شكرى عياد – مصطفى ناصف )
4- أقام الإتجاه النفسى خطابه النقدى على منجزات علم النفس والتحليل النفسى عند فرويد ويونج .
5- يكاد هذا الخطاب أن يحيل النص إلى لوحة إسقاط لمبدعه .
6- أعلام هذا الاتجاه ( العقاد – أمين الخولى – محمد خلف الله أحمد – مصطفى سويف – عز الدين إسماعيل )
ذاكرة الحداثة وما بعدها
- فى النصف الثانى من القرن العشرين شهد الواقع الأدبى والثقافى تعددا فى المناهج الأدبية
( البنيوية – السيميولوجية – التفكيكية – نظرية التلقى – النقد النسائى - النقد الثقافى .
يحيي هاشم
نسمة- Admin
- المساهمات : 565
تاريخ التسجيل : 01/12/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى