روضة الثقافة والادب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

معالم المنهج الاسلامى // دكتور محمد عمارة

اذهب الى الأسفل

معالم  المنهج الاسلامى // دكتور  محمد  عمارة Empty معالم المنهج الاسلامى // دكتور محمد عمارة

مُساهمة  نسمة الأربعاء ديسمبر 05, 2007 11:45 am

معالم  المنهج الاسلامى // دكتور  محمد  عمارة Attachment




إن هذا الكتاب لا يمثل مضمونًا فكريًّا واجتهادًا ومعرفة وثقافة تتضح بها بعض معالم المنهاج الإسلامي فحسب، بل إنه في منهج إعداده وكتابته يُحيي منهج عمل ودراسة وبحث، ما أحوجنا إلى إحيائه في هذا العصر الذي تنوعت فيه ضروب المعارف، وتشعبت وتفرعت شُعُبًا وفروعًا لا حصر لها، حتى أضحى عصرنا عصر "الانفجار المعرفي" وحتى لم يعد في إمكان العالِم الفذ المتميز أن يحيط بكل جوانب قضية ما، فضلاً عمَّن هو أدنى من ذلك.

وحين ندقق النظر في الحياة من حولنا، وخاصة في فكرنا الإسلامي المعاصر نجد فقرًا في الإبداع وإفراطًا في التقليد، تقليد "التخلف الموروث" و"التغريب الوافد" من وراء الحدود، وكذلك نجد في العالم من حولنا "متغيرات" تزلزل "الواقع" وتراجع "مسلمات الفكر" التي حكمت لعشرات السنين.

ولما كان "المنهج" -وهو طريق النظر، وقسطاسه المستقيم- هو سبيل الوعي، وهو السبيل كذلك إلى صياغة "دليل العمل" الذي ينير لليقظة الإسلامية المعاصرة طريق النهوض المنشود، وذلك حتى لا تصاب هي الأخرى، بإحباط جديد؛ لذلك كان الاهتمام بهذه القضية المحورية: قضية "معالم المنهج الإسلامي"، وهذا ما يتناوله هذا الكتاب الذي طبعته دار الرشاد بالقاهرة، في 280 صفحة تقريبًا، شاملة المقدمات والتمهيد وكشافات الآيات والأحاديث والموضوعات.

باكورة خير

لقد وقع الاختيار على هذا الكتاب، ليكون باكورة مشروع للنشر المشترك بين الأزهر الشريف والمعهد العالمي للفكر الإسلامي.

وقد وضع المعهد العالمي للفكر الإسلامي مقدمة للطبعة الثانية من هذا الكتاب، تلاها تقدمة بعنوان: {وتعاونوا على البر والتقوى} وقَّع عليها كل من الدكتور طه جابر العلواني رئيس المعهد العالمي للفكر الإسلامي، والدكتور عبد الودود شلبي الأمين العام للجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف.

التقديم

أوضح المؤلف في تقديمه للكتاب أنه يحاول من خلاله طرح "مشروع فكري" يقدم تصورًا أوليًّا، مستهدفًا شحْذ الفكر واستنفار العقل، طلبًا للإضافة والتطوير والنقد والتعديل، وصولاً للرؤية الأوضح، والصياغة الأشمل، والتصور الأدق.

كما بيّن المؤلف أن الأفكار الرئيسية لهذا الكتاب قد حظيت بحوار فكري خلاق ورفيع المستوى، حيث بدأت بورقة عمل وُزِّعَت بوساطة المعهد العالمي للفكر الإسلامي على صفوة من مفكري الأمة وعلمائها لإبداء الرأي فيما تضمنته من تصورات وأفكار. وقد تم عقد ندوتين للحوار حول هذا البحث شارك فيهما نحو 30 من العلماء والمفكرين والباحثين، هذا غير من كتبوا آراءهم في دراسات وأبحاث، وغير من حاورهم المؤلف شفاهة حول ما تضمنه الكتاب من آراء.

ولقد كانت أكثر القضايا التي أثارت الجدل هي قضية (النص والاجتهاد)، وقد تراوحت الآراء في تقويمها للبحث بين الثناء والإعجاب، وبين المخاوف مما أسماه البعض مجازفات، إلى جانب تعليقات ساخرة مستخفة لا توزن بميزان العلم، إلا أن الكاتب قرر أنه قد سعد بكل الآراء المؤيدة والمعارضة، واستفاد من كل من الملاحظات والإضافات والاقتراحات والمخاوف والمحاذير، وذلك عندما حول ورقة العمل هذه إلى كتاب.

التمهيد

عنوَنَ المؤلف لتمهيده بعنوان: "أزمة ومأزق الفكر الإسلامي والأمة الإسلامية"، ويؤكد أنها السبب أو الحافز لديه ليقوم بهذا الجهد، حيث بيّن أن سبب هذه الأزمة هو ذلك الفكر الغريب عن المجتمع الإسلامي، الذي منه الوافد الضار من فكر الحضارة الغربية، ومنه الموروث المتخلف عن فكر عصر التراجع والجمود، فأزمة الفكر هي التي أحدثت أزمة لأمَّة هذا الفكر.

ويتناول بعد ذلك المؤلف الموضوع الرئيسي من خلال أربع نقاط رئيسية تتضمن بعض النقاط الفرعية: الله.. والإنسان.. والعلم (المبدأ.. والمسيرة.. والصبر) ومن خلالها يتكلم عن:

أ- وحدانية الخالق المعبود:

وأن سمة التوحيد والتنزيه سمة من سمات المنهج الإسلامي، وهي سمة في منهج حضاري تنهض بالدور الأول في صياغة الإنسان كي يكون حرًّا.

ب- الإنسان: الخليفة:

في الوقت الذي تطرقت فيه مذاهب عديدة إلى النظر إلى الإنسان وموقعه وتصور مكانته في الوجود بالنسبة لله وإلى العالم بصور مختلفة، وجدنا المنهج الإسلامي يتخذ الموقف (الوسط ـ العدل ـ الحق) في هذا الموضوع، وأن موقعه ليس محور الكون وسيده، وإنما هو خليفة الله فيه، وسيادته على الطبيعة ليست مطلقة، وإنما تحكمها أُطُرٌ وبنود.

جـ- كون تحكمه الأسباب المخلوقة:

وهذا الكون هو خلق الله، وتحكمه في كل شيء سنن وقوانين، هي أيضًا من وضع الخالق جل وعلا، وكما حكمت تلك السنن والقوانين العالم في الخلق والمسيرة، كذلك تحكمه في المصير.

د- سبل الوعي والمعرفة:



محمد عمارة

لقد عرفت مناهج الفكر الإسلامي مذاهب عديدة في تحصيل الإنسان للمعارف، وحيازته حقائق العلوم، منها: النزعة الباطنية، والنزعة المادية.

وأما في المنظور الإسلامي وما يتعلق بالمعرفة في المنهج الإسلامي تظهر شمولية الإسلام، وشموله كل ميادين المعرفة، وجميع عوالم الحياة (الأولى والآخرة) الظاهر والباطن، والمادي والمعنوي، الدنيوي والديني، والعقلي والنقلي، الإلهي والبشري.

وأكد في نهاية هذه النقطة أن العقلانية الإسلامية، كما أنها السبيل لوعي حقائق العوالم، فهي السبيل لتحقيق العلوم الإسلامية الذي تزيد الوعي لدى المسلم بحقائق العالم.

الوسطية الإسلامية

وتضم 10 نقاط تدور تحت ظل الوسطية الإسلامية.

1- الوسطية الجامعية:

وهي صبغة الله وإرادته لأمة الإسلام والفطرة الإسلامية المطهرة من الآفات وعدسة رؤية المنهج الإسلامي لكل شيء.

2- الفكر والمادة:

حيث انقسمت الفلسفة وفلاسفتها في الحضارة الغربية إلى مادية ومثالية وماديين ومثاليين، أما في الإطار الإسلامي ومنهجه فإننا لم نشهد أي انقسام؛ لأن الوسطية الإسلامية الجامعة قد أقامت للتصور الإسلامي علاقة ورابطة بين الفكرة والمادة وعصمته من تلك الثنائية.

3- الجبر والاختيار:

إن المنهج الإسلامي يعترف بالحرية الإنسانية وبالاختيار الإنساني، دون حتم وإطلاق، فليس هناك جبر مطلق ولا اختيار مطلق.

4- اكتمال الدين وتجديده:

(السلفية والتجديد) في ظل المنهج الإسلامي ووسطيته الجامعة لا نرى أبدًا أي تناقض بين اكتمال الدين بتمام الوحي وختام النبوة، وبين التجديد الدائم أبدًا لهذا الدين، وذلك لأن الدين عقيدة وشريعة، وهما متكاملتان.

5- النص والاجتهاد:

إن حقيقة موقف المنهج الإسلامي اعتبار النص، واحترام الاجتهاد، وأبعد ما تكون عن الثنائية والانشطارية التي تكرس التناقض العدائي بينهما.

6- الدين والدولة:

في المناهج الغربية الفكرية ساد التناقض والتضاد بين الدين والدولة، أما المنهج الإسلامي فقد أقام العلاقة الطبيعية والوثقى بين الدين والدولة، على النحو الذي لا تناقض فيه ولا تضاد.

7- الشورى البشرية والشريعة الإلهية:

في المنهج الإسلامي ليس هناك تناقض وخلط بين الشورى البشرية وبين الشريعة الإلهية، ومن تحديد العلاقة بين الشورى والشريعة تبرز خصائص المنهج الإسلامي في مكانة الإنسان في هذا الكون -مكانة الخليفة عن الله- ودستور الدولة الإسلامية الأولى ينص على المرجعية لهذه الحاكمية الإلهية، ممثلة في الشريعة وفي هذا الإطار -إطار الحاكمية الإلهية- كما تمثل في الشريعة الإلهية فرض الله في المنهج الإسلامي على الإنسان أن ينهض بحمل الأمانة.

8- الرجل والمرأة:

ينظر الإسلام إلى الرجل والمرأة باعتبارهما "الإنسان المسلم"، وهذه المساواة كذلك قد اعترفت بالواقع الطبيعي المتمثل في أنوثة المرأة ورجولة الرجل، وهذا أيضًا يؤدي إلى التكامل لا التنافر.

9- الفرد.. والطبقة.. والأمة:

الإسلام دين الجماعة، أي الأمة، وهذه من خصائص المنهج الإسلامي، وكون الأمة هي الجامعة لا يعني الإجحاف بحقوق الفرد ولا الإنكار لوجود "الطبقة" في إطار الأمة، وإنما هي العلاقات التي أقامتها الوسطية الإسلامية الجامعة بين الفرد والطبقة والأمة على نحو متميز.

10- الوطنية.. والقومية.. والجامعة الإسلامية:

الإسلام هو فكر الأمة، إنه جامعة عقيدتها وشريعتها، ومنهجه هو الموجه لفكرها وعملها في كل الميادين، فهو الرابط الأم، وله الانتماء الأول والولاء الذي لا يعلو عليه سواه، ولقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نميز بين حب الوطن وبين تحول هذا الحب إلى النقيض المعوق للانتماء الأعظم لرسالة الإسلام وجامعته، وكذلك علمنا أن نميز بين الولاء الحق والحب العدل لقوم، وبين العصبية الظالمة، وإن كون الإسلام دين الجماعة ورسالة الأمة لا يعني التجاهل ولا الإلغاء لذاتية الفرد أو الأسرة أو القبيلة، وإنكار ما لهذه الجزئيات من خصوصيات وتمايز.

التربية الجمالية

ويتناول هذا الموضوع من خلال ثلاث نقاط فرعية:

أ- المسلم والجمال:

من الناس من يحسب أن هناك خصومة بين الإسلام والجمال، ولو كان هذا الرأي نابعًا عن آثار المحن التي تعرض لها المسلمون في مرحلة الاستضعاف، أو رد فعل التحديات المعادية التي تفرض الهم والحزن على الوجدان الإسلامي المرهف، لكان ذلك مبررًا مفهومًا، ولكن أن يكون هذا التهجم من وجهة نظرهم من مقتضيات المنهج الإسلامي في الحياة، فهذا يدعو إلى تصحيح هذا المفهوم؛ لأن هذا الرأي للأسف قد يتخذه خصوم المنهج الإسلامي ضمن مطاعن أخرى لتشويه صورة منهجنا العظيم في الفكر والحياة.

إن منهج العشق الحلال للطيب من آيات الجمال، وينفي، بل ويستنكر ذلك التجهم الذي يفتعل الخصام بين المسلمين وبين طيبات وجماليات هذه الحياة؛ فالمسلم لن يستطيع أداء فريضة الشكر لله على نعمة الجمال إلا إذا عرف واستمتع بأنعم الله في هذا الجمال.

ب- جمال السماع:

إن الخلاف لناشب بين فقهاء الإسلام حول إباحة أو منع الغناء والموسيقى والرسم والنحت والتصوير، وهي من أبرز الفنون الجمالية، وهو خلاف قديم وشهير، وهناك العديد من المأثورات المروية وأغلبها أحاديث نبوية تختلف مضامينها في هذا الموضوع.

أما آلات العزف فإن الأحاديث التي وردت في منعها أو تحريمها معلولة بمقاييس علم الجرح والتعديل. ومن لم يحركه الربيع وأزهاره، والعود وأوتاره، فهو فاسد المزاج، ليس له علاج، ومن لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال، بعيد عن الروحانية، وهذا هو منهج الإسلام وموقفه من جماليات السماع.

ج- جماليات الصور:

خصام المنهج الإسلامي مع فنون التشكيل والذي يحسبه الكثيرون خصامًا حقيقيًّا، ليس أكثر من وهْم من الأوهام، وإن كان القرآن الكريم لم يتخذ من التصوير للأحياء موقفًا معاديًا بإطلاق وتعميم، بل لقد أناط الأمر بالمقاصد والغايات والنتائج والثمرات، من خلال من يتخذها للشرك أو بمن يتخذها لتخليد القيم والمعاني والمآثر الطيبة والجميلة، وكذلك السنة النبوية تقطع بأن التحريم مرهون ومشروط ومعلل، والنهي والتحريم فيها يستهدف مظان الشرك، وشراك الوثنية والروافد التي تحفظ الحياة لنقيض عقيدة التوحيد، وليس التصوير أو النحت أو الرسم كفن من فنون الجمال.

الجهاد في سبيل الله

يذكرنا الكاتب في هذه النقطة أن القرآن قد تحول –الجهاد- عبر الذين فقهوه إلى طاقة حية، أقامت في الواقع بناء حضاريًّا تتجسد فيه روح القرآن، ولم يقف الأمر عند حدود الفكر كالحفظ والترتيل للآيات، ولا مجرد الفقه للمرامي والمقاصد.

ولذلك فالجهاد لتجسيد وتطبيق منهج الإسلام هو قسمة من قسمات هذا المنهج، يستحيل اكتماله بدونها.

والجهاد أعم وأشمل من "القتال".. إنه الفريضة الاجتماعية ـ الكفائية ـ التي فرضها الله على طلائع هذه الأمة، أن تبذل الوسع وتستفرغ الجهد في ميدان العمل لتجسد ثمرات الجهد الذي بذلته في ميدان الفكر.

أبرز معالم المنهج الإسلامي

وينهي الكاتب كتابه بمخلص بسيط عن أبرز معالم المنهج الإسلامي، مؤكدًا على أن هذا الكون الذي تحكمه الأسباب شاهد على أنه مخلوق للخالق الواحد، المتفرد بالربوبية الحقة، والقادر المدبر لهذا العالم، وهذا الخالق المنزه عن كل نقص قد استخلف الإنسان لعمارة هذه الأرض، وخلق له سبل الوعي ليحقق رسالته، وأنعم عليه بالإسلام، الرسالة الخاتمة، التي تمنحه -بالوسطية الجامعة- الانتماء والتوازن مع كل مظاهر الكون، كما فرض عليه الجهاد، حتى يتحقق لهذا المنهج الوجود الفاعل، فلا نطمس معالمه كما فعلت الأمم السابقة برسالاتها.

وصدق الله العظيم {إنا نحن نزلنا الذكر وأنا له لحافظون}.
نسمة
نسمة
Admin

المساهمات : 565
تاريخ التسجيل : 01/12/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى